لا يزال الحديث عن تداعيات فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) على صحة الأطفال مستمرا، بعد أيام من تواتر تقارير طبية من دول عديدة حول وجود أعراض فيروس كورونا عند الأطفال، وأن تلك الأعراض المرصودة ذات صلة بالفيروس التاجي، حيث ظهرت على أطفال كانوا مصابين بكوفيد-19 أو مخالطين لمصابين بالمرض ذاته.
وقال باحثون في المملكة المتحدة، أمس الأربعاء، إنهم رصدوا حالات 8 أطفال يعانون من مشاكل التهابية نادرة وسط وباء كوفيد-19، وقد لاحظ الباحثون «مجموعة غير مسبوقة» من أعراض فيروس كورونا عند الأطفال، وهو تم ربطه على الأرجح بالفيروس التاجي.
وقال الباحثون، بحسب ما أشارت النسخة الإنجليزية لشبكة CNN الأمريكية، إن الحالات تشبه شكلا حادا من مرض كاواساكي، وهي حالة نادرة تسبب التهابا في جدران الشرايين ويمكن أن تحد من تدفق الدم إلى القلب.
اقرأ أيضا: بشائر من أستراليا.. نتائج ممتازة للقاح محتمل ضد «كوفيد-19»
وبشكل منفصل يوم الأربعاء، أبلغت وزارة الصحة في ولاية نيويورك عن 64 حالة مشتبه بها من متلازمة مماثلة، ظهرت عليهم أعراض فيروس كورونا عند الأطفال، والتي أطلقوا عليها اسم «متلازمة الالتهاب متعدد الأنظمة للأطفال المرتبطة بكوفيد-19».
في الدراسة البريطانية، كان جميع الأطفال بصحة جيدة سابقا، وفقا للطبيبة شيللي ريبهاجن وزملائها من مستشفى إيفلينا لندن للأطفال، بينما احتاج 5 ممن ظهرت عليهم أعراض فيروس كورونا عند الأطفال إلى دعم بجهاز التنفس الصناعي، حيث تم وضعهم على تلك الأجهزة، وتثبيت أنبوب في القصبة الهوائية لديهم.
وما رصدته الدراسة نفسها أن 4 ممن رُصدت عليهم أعراض فيروس كورونا عند الأطفال كانوا قد تعرضوا بالفعل للإصابة بالفيروس التاجي، وأثبتت التحاليل إيجابية أجسامهم لفيروس كوفيد-19، ما يؤكد مخاوف علماء الأوبئة من ارتباط الأعراض المذكورة بالمرض نفسه.
بريطانيا.. وحالة تأهب بشأن المتلازمة
وقال الباحثون البريطانيون، الذين نشروا نتائجهم في مجلة لانسيت الطبية، إن مجموعة الحالات شكلت الأساس لتحذيرات مهمة في هذا الشأن، لتأتي باستنتاجات عكسية لما تم تداوله مع بدء تفشي جائحة كوفيد-19 عالميا مطلع العام الجاري، وهي أن الأطفال –في الغالب- يكونون في مأمن عن الإصابة بالفيروس المرعب، لكن البيانات العلمية الحالية تؤكد ضرورة البحث عن براهين جديدة لإثبات ذلك.
ففي أواخر أبريل المنقضي، أرسلت خدمة الصحة الوطنية البريطانية تنبيها عاجلا للأطباء قائلة إنهم رأوا حالات ظهر عليها أعراض فيروس كورونا عند الأطفال، وتحديدا أعراض غير نمطية تشبه مرض كاواساكي، وقالوا إنها يمكن أن تكون مرتبطة بالفيروس التاجي.
اقرأ أيضا: 5 أعراض جلدية قد تكون علامة على الإصابة بـ«كوفيد-19»
ونقلت تقارير صحفية عن الباحثين قولهم إنهم أثناء بحثهم رصدوا أكثر من 20 طفلا بعلامات مشابهة، أظهرت النتائج أن العشرة الأوائل من هؤلاء الأطفال أثبتت إصابتهم بالأجسام المضادة للفيروس التاجي، بما في ذلك الثمانية الذين شكلوا مجموعة الحالات الأصلية، وهذا يشير إلى أنهم تعرضوا للفيروس في الماضي، حتى لو كان اختبارهم التشخيصي سلبيا في ذلك الوقت.
وكتب الباحثون «نقترح أن هذه الصورة السريرية تمثل ظاهرة جديدة تؤثر على الأطفال الذين لم تظهر عليهم أعراض فيروس كورونا عند الأطفال، بينما ظهرت عليهم أعراض “الالتهاب المتعدد” بما يشبه “صدمة” متلازمة مرض كاواساكي».
أعراض فيروس كورونا عند الأطفال
ويشير تقرير منشور بصحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية، إلى «ما يعرفه الأطباء حتى الآن» حول أعراض فيروس كورونا عند الأطفال، فبحسب التقرير فإن معظم المصابين بالعدوى من بين الأطفال لديهم أعراض خفيفة فقط، لكن أطباء في أوروبا والولايات المتحدة أفادوا مؤخرا بظاهرة جديدة مثيرة للقلق، وهي المشار إليها سابقا باسم أعراض كاواساكي، وتنطوي تلك الأعراض على التهاب في الجلد والعينين والأوعية الدموية والقلب.
إن الحالة التي يطلق عليها الأطباء «متلازمة الالتهاب متعدد الأنظمة للأطفال»، جديدة للغاية لدرجة أنه لا يزال هناك العديد من الأسئلة التي لم تتم الإجابة عليها حول كيفية ولماذا تؤثر على الأطفال، لكن ثمة أعراض معروفة حتى الآن.
وبحسب الأطباء، يمكن أن تشمل الأعراض الحمى والطفح الجلدي والعيون الحمراء وتضخم الغدد الليمفاوية وآلام البطن الحادة، ولا تتضمن عادة علامتين مألوفتين لأعراض فيروس كورونا عند الأطفال بشكلها التقليدي، وهما السعال وضيق التنفس.
اقرأ أيضا: قلق عالمي من مرض ذا صلة بـ«كوفيد-19» يصيب الأطفال
ورغم وجود بعض التشابه بين هذه المتلازمة ومرض الطفولة النادر «كاواساكي»، إلا أن الأطباء أكثرهم يؤكدون أن الحالتين ليستا متماثلتين، وكلاهما ينطوي على زيادة في الالتهاب في الجسم ويمكن أن يكون له آثار خطيرة على القلب.
لكن الدكتور ستيفن كيرني، رئيس طب العناية المركزة للأطفال في جامعة كولومبيا ومستشفى مورجان ستانلي للأطفال بنيويورك، قال إن المتلازمة الجديدة تؤثر على القلب بشكل مختلف، في حين أن مرض كاواساكي يمكن أن يُنتج تمدد الأوعية الدموية التاجية عند تركه دون علاج، ويبدو أن المتلازمة الجديدة تنطوي في الغالب على التهاب الشرايين التاجية والأوعية الدموية الأخرى.
وعلى الرغم من أن الصدمة من المضاعفات النادرة لمرض كاواساكي، إلا أن المتلازمة الجديدة دفعت العديد من الأطفال إلى نوع من الصدمة السامة مع انخفاض ضغط الدم للغاية وعدم قدرة الدم على تداول الأكسجين والمغذيات بشكل فعال إلى أعضاء الجسم، بحسب دكتور كيرني.
*نقلاً عن تقرير لنفس الكاتب نُشر في النسخة العربية من صحيفة AS الإسبانية