في أول فعالية من سلسلة “لقاء مع خبير”، التي أطلقتها الجامعة الأمريكية بالقاهرة مؤخرا بحرمها بالقاهرة الجديدة، ناقش الدكتور محمد سلامة، الأستاذ بمعهد الصحة العالمية والبيئة البشرية بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، الشيخوخة الصحية في مصر.
وتحدث سلامة، في جلسة علمية اليوم الأربعاء، عن طبيعة وأهمية الدراسة التي سيتم إطلاقها في 2024 حيث أوضح أن هدف الدراسة هو رصد وقياس التغيرات الصحية والاجتماعية والاقتصادية والبيئية التي ستطرأ على حياة كبار السن في مصر مع تقدم العمر.
فجوة معرفية
وتسعى الدراسة إلى سد الفجوة المعرفية عن الشيخوخة في مصر وذلك للمساعدة في تقييم وتطوير السياسات والبرامج التي ستساعد في تحسين حياة كبار السن وتقديم رعاية أفضل لهم.
وقال سلامة في بداية حديثه: “يزداد الاهتمام عالميا بدراسات الشيخوخة الصحية لما تكشفه هذه الدراسات عن التحديات والفرص التي ستواجه العالم مستقبلا، وخاصة في الدول ذات الدخل المنخفط والمتوسط والتي تعاني من ندرة البيانات الخاصة بالشيخوخة الصحية”.
وأشار سلامة، وهو قائد الفريق البحثي للدراسة الطولية للشيخوخة الصحية في مصر AL-SEHA والتي تتم بالتعاون مع الدكتورة هدى رشاد مديرة مركز البحوث الاجتماعية بالجامعة وفريق عمل المركز، إلى أن هذه الدراسة هي الأولى في المنطقة العربية وفي الشرق الأوسط.
وتهدف الدراسة لضم نحو 20 ألف مشارك في الدراسة تزيد أعمارهم عن 50 عاما من كل محافظات مصر وتمتد على الأقل لمدة 10 سنوات لمتابعة التغيرات التي ستطرأ على حياة المشاركين كل سنتين وذلك من خلال الاستبيانات المصممة خصيصا للتوافق مع البيئة المصرية.
كما أشار سلامة إلى وجود دراسات عالمية عديدة وهامة للغاية عن الشيخوخة الصحية، إلا أن تصميم دراسة “الصحة” هو من أهم ما يميزها لما يعنيه ذلك من تفرد الدراسة بالحصول على معلومات تعكس الطبيعة الحقيقية للسكان وللمؤثرات الاجتماعية، والاقتصادية، والبيئية الخاصة بمصر.
في حديثه، أشار سلامة أن مصر تعد مثالا مثيرا للاهتمام بشكل خاص، فهي أكبر دولة عربية أو شرق أوسطية من حيث عدد السكان، وتأتي في المرتبة الثالثة من حيث عدد السكان في إفريقيا.
معدلات مرتفعة
ويضيف: على الرغم من أن المجتمع المصري لا يزال فتيا مع ارتفاع نسبة الشباب واستمرار معدل زيادتهم في المستقبل القريب، إلا أن عدد كبار السن ينمو بشكل أسرع، مما سيؤدي إلى ارتفاع مماثل في معدلات الشيخوخة أيضا، لذا “فإن مصر في وضع مثالي للتحضير لشيخوخة صحية للسكان إذا كان هذا التحضير مبنيا على أدلة تجمع بين الطب، والمعلومات الاقتصادية والاجتماعية لتعكس التعقيدات التي يواجهها مجتمع الشيخوخة”.
وتساهم الدراسة في فهم تأثير التعقيدات والتغيرات التي حدثت في المجتمع المصري على مر السنوات الماضية على صحة كبار السن.
ويوضح سلامة: تشمل تلك التغيرات كمثال، الاستمرار في الاتجاه نحو التحضر واتجاه المزيد من كبار السن للمعيشة في المدن، والتحول السريع للمجتمع من مجتمع زراعي لصناعي حيث ينعكس ذلك على طبيعة معيشة كبار السن ويخلق تحديات جديدة تتعلق بإمكانية وصولهم لخدمات الرعاية الصحية والعزلة الاجتماعية”.
وتركز الدراسة أيضا على تأثير تغير المناخ على صحة المواطنين كبار السن، وهو موضوع لم يتم دراسته بشكل كاف بعد في مصر والمنطقة، حيث أشارت التقارير في الفترات السابقة عن ارتفاع نسبة الوفيات من كبار السن أثناء موجات الحر الشديدة وارتفاع نسبة الإصابة بالأزمات القلبية.
بيانات مُهمة
الفريق البحثي للدراسة يتعاون مع الهيئات الحكومية، والمجتمع المدني والمنظمات غير الهادفة للربح في مصر، بالإضافة للتعاون مع مشروع SHARE والذي يقوم بدراسات بحثية لدراسة آثار السياسات الصحية والاجتماعية والاقتصادية والبيئية على حياة المواطنين الأوروبيين وخارجها.
وأكد سلامة أن دراسة “الصحة” تتزامن مع الإصلاحات الحالية في قطاعات التأمين الصحي، والتضامن الاجتماعي والرعاية الاجتماعية وأنظمة التقاعد في مصر، والتي تتطلب فهما شاملا للوضع الحالي لكبار السن.
وفي ختام كلمته أشار سلامة إلى أهمية الدراسة مستقبلا في توفير بيانات هامة للمساعدة في عملية صنع القرار والتخطيط المستقبلي لتحسين إمكانية حصول كبار السن المصريين على الرعاية الصحية، والحد من عدم المساواة في الوصول والتمييز على أساس السن، بجانب تسهيل عملية تقييم السياسات الصحية والدراسات التحليلية.
صحفي متخصص في التقنية والسيارات، عضو نقابة الصحفيين المصرية، المحرر العام السابق لمجلة «الشرق تكنولوجي»، ومحرر التقنية السابق بالنسخة العربية من صحيفة AS الإسبانية، ومؤسس «نوتشر دوت كوم»، شارك في تحرير إصدارات مطبوعة وإلكترونية متخصصة في التقنية بصحف عربية عدة.