ألقت دراسة أمريكية جديدة الضوء على أصل جائحة فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19)، عبر تتبع الطفرة الجينية التي أحدثها الفيروس التاجي حتى انتقاله أخيرا من الحيوانات إلى البشر نهاية العام الماضي.
وقال باحثون إن «سارس CoV–2»، الفيروس المسبب لـ«كوفيد-19»، اكتسب القدرة على إصابة البشر عن طريق تبادل جزء من الجينات الحرجة من فيروس كورونا التي كانت تصيب حيوانات من فصيلة الثدييات ذات القشور، وأبرزها الحيوان المسمى «آكل النمل الحرشفي» أو «بنجولين» المنتمي لتلك الفصيلة.
فيروسات الخفافيش هي الأقرب لـ كوفيد-19
الفيروسات التاجية الجديدة، بحسب الدراسة التي أشارت إليها النسخة الإليكترونية من صحيفة «ذا تايمز أوف إنديا» الهندية، كانت مناسبة تمامًا للقفز من الحيوانات إلى البشر عن طريق تغيير الشكل واكتساب القدرة على إصابة الإنسان.
وأجرى باحثون من جامعة تكساس في «إل باسو» بالولايات المتحدة، تحليلًا جينيًا للفيروس التاجي الجديد ومتغيراته المماثلة في الحيوانات، وأكدوا أن أقرب الأنواع له هو فيروس تاجي يصيب الخفافيش.
وفي الدراسة التي نشرت في دورية ساينس أدفانسز، قالوا إن قدرة الفيروس سارس CoV-2 على إصابة البشر جاء عن طريق تبادل جزء جيني حاسم من فيروس تاجي يصيب الثدييات المتقشرة وخاصة من حيوان بنجولين.
وذكر الباحثون أن هذه القفزة من نوع إلى آخر كانت نتيجة قدرة الفيروس على الارتباط بالخلايا المضيفة من خلال تعديلات في مادته الجينية، كما لو أن الفيروس «أعاد تشغيل المفتاح الذي يمكنه من فتح باب الخلية المضيفة»، على حد وصفهم.
كيف يستهدف كوفيد-19 الخلايا لإصابتها؟
وقال الباحثون في حالة سارس CoV-2، فإن هذا «المفتاح» هو البروتين الموجود على سطح الفيروس، والذي يُستخدم لربط الخلايا وإصابتها.
فنج جاو، من جامعة ديوك في الولايات المتحدة، وهو المؤلف المشارك بهذه الدراسة، قال إن هذا «يشبه إلى حد كبير مرض السارس الأصلي الذي قفز من الخفافيش إلى حيوان الزباد، أو تلك الفيروسات التاجية التي انتقلت من الخفافيش إلى الإبل، وبعد ذلك إلى البشر».
وبحسب جاو، خضع سلف هذا الفيروس التاجي الوبائي لتغيرات تطورية في مادته الوراثية مكنته من إصابة البشر في نهاية المطاف، مضيفا إن تتبع المسار التطوري للفيروس يمكن أن يساعد في ردع الأوبئة المستقبلية الناشئة عنه، وربما يوجه أبحاث اللقاحات مستقبلا نحو الطريق الصحيح لإنتاج الأمصال.
فيروس هجين بين الخفافيش والبنجولين
وتوقع المشاركون في هذه الدراسة أن فيروس كورنا المستجد يمكن أن يكون هجينًا بين فيروسات الخفافيش والبنجولين، طورت نفسها لتحصل على «المفتاح» الضروري لربط المستقبلات للعدوى البشرية.
وأوضح الباحثون «هناك مناطق من الفيروس ذات درجة عالية جدًا من التشابه في تسلسل الأحماض الأمينية، بين الفيروسات التاجية المتباينة التي تصيب البشر، وبين الخفافيش والبنجولين، مما يشير إلى أن هذه الفيروسات تخضع لانتقاء مضيف مماثل، وربما هي السبب في ظهور سارس CoV-2، الفيروس المسبب لـ كوفيد-19.
وقال شياو جون لي، مؤلف مشارك في الدراسة من جامعة ديوك، إن الفيروس التاجي «قادر على القفز بسهولة من هذه الحيوانات إلى البشر».
الباحثة المشاركة في الدراسة إيلينا جيورجي، من مختبر لوس ألاموس الوطني في الولايات المتحدة، تقول: «في دراستنا، أظهرنا أن سارس CoV-2 بالفعل له تاريخ تطوري غني يتضمن إعادة خلط المواد الوراثية بين الخفافيش وفيروس كورونا، قبل أن تكتسب قدرتها على القفز إلى البشر».
من جانبهم قال القائمون على الدراسة إنه في حين يتم النظر بالفعل في تسلسل الفيروسات التاجية المأخوذة من عينات البنجولين، فإن المجتمع العلمي لا يزال منقسمًا حول ما إذا كانت تلك الحيوانات قد لعبت بالفعل دورًا في تطور كوفيد-19 أم لا.