يسود قلق عالمي حاليا من احتمالية انتشار فيروس جديد على غرار كوفيد-19، ربما يكون ذا صلة بالأخير، وذلك مع رصد حالات إصابة عديدة بفيروس غامض في دول أوروبية.
وسجلت دول عديدة منها بريطانيا وإيطاليا وإسبانيا، حالات التهاب تنفسي نادرة في الأطفال، كما تم الإبلاغ عن بعض الحالات المحتملة في فرنسا وبلجيكا، بحسب ما نشرته تقارير صحفية عديدة على مدار الأسبوع الماضي.
وذكرت صحيفة «ذا نيويورك تايمز» الأمريكية، أن أطباء في الدول الثلاث أطلقوا تحذيرات من الأعراض المذكورة التي ربما ترتبط بفيروس كورونا المستجد «كوفيد-19»، في وقت لم يكد العالم يستوعب فيه كارثة الفيروس التاجي الذي أصاب ما يقرب من 3.6 مليون شخص حول العالم، مخلفا قرابة ربع مليون وفاة حتى الآن.
إصابات بين الأطفال
وكانت جمعية العناية المركزة للأطفال في بريطانيا أصدرت الأسبوع الماضي تنبيها للأطباء أشارت خلاله إلى أنه في الأسابيع الثلاثة الماضية، كانت هناك زيادة في عدد الأطفال الذين يعانون من حالة التهابات متعددة تتطلب رعاية مكثفة في جميع أنحاء البلاد، وقالت المجموعة إن هناك «قلقا متزايدا» من ظهور متلازمة كوفيد-19عند الأطفال أو أن مرضا مختلفا غير معروف قد يكون مسؤولا عن تلك الإصابات.
ونقلت الصحيفة الأمريكية عن الدكتور راسل فينر، رئيس الكلية الملكية لطب الأطفال وصحة الطفل، قوله «نحن نعلم بالفعل أن عددا صغيرا جدا من الأطفال يمكن أن يصابوا بمرض شديد مع كوفيد-19 ولكن هذا نادر جدا»، وقال إن المتلازمة سببت على الأرجح فرط رد فعل في الجهاز المناعي في الجسم وأشار إلى أعراض مشابهة لوحظت في بعض البالغين المصابين بالفيروس التاجي.
كما تم الإبلاغ عن الحالات التي تحتوي على ميزات متلازمة الصدمة السامة أو مرض كاواساكي، وهو اضطراب نادر في الأوعية الدموية، فبعض الأطفال فقط ثبتت إصابتهم بكوفيد-19، لذا فإن العلماء غير متأكدين مما إذا كانت هذه الأعراض النادرة ناتجة عن فيروس كورونا الجديد أو بسبب شيء آخر.
ويقدر مسؤولو الصحة في بريطانيا أن حوالي 10-20 حالة رصدت هناك، وقالت هيئة الخدمات الصحية الوطنية بإنجلترا إنها تحقق على وجه السرعة في التقارير التي تلقتها بشأن ذلك، ويقول فينر إنه على الرغم من أن الأطباء يفكرون في أسباب محتملة أخرى للمتلازمة، بما في ذلك الفيروسات الأخرى أو الأدوية الجديدة، فإن «فرضية العمل هي أنها مرتبطة بكوفيد-19»، على حد تعبيره.
أعراض عنيفة
من جهتها أطلقت جمعية طب الأطفال الإسبانية مؤخرا تحذيرا مماثلا، حيث أخبرت الأطباء أنه في الأسابيع الأخيرة، كان هناك عدد من الأطفال في سن المدرسة يعانون من «صورة غير عادية لألم في البطن، مصحوبة بأعراض معدية معوية» يمكن أن تؤدي في غضون ساعات إلى صدمة بأرجاء الجسم، تسبب انخفاضا في ضغط الدم ومشاكل بالقلب.
وقالت جمعية طب الأطفال «من الأولويات التعرف على هذه الأعراض لإحالة هؤلاء المرضى بشكل عاجل إلى المستشفى».
وفي إيطاليا، أرسل الدكتور أنجيلو رافيلي من مستشفى جاسليني وعضو جمعية أطباء الأطفال الإيطاليين مذكرة إلى 10 آلاف طبيب أثاروا مخاوفه، أفاد هو وفريقه بزيادة غير معتادة في عدد المرضى الذين يعانون من أعراض تشبه مرض كاواساكي في مناطق إيطاليا التي تضررت بشدة من الوباء، مشيرين إلى أن بعض الأطفال لديهم إصابة بالفعل بفيروس كوفيد-19 أو لديهم اتصالات مع حالات مؤكدة.
وقال: «إن هؤلاء الأطفال لا يستجيبون للعلاج التقليدي»، مضيفا أن بعضهم تلقوا جرعة عالية من الأدوية، وقال رافيللي إن أولئك الذين أصيبوا بمتلازمة الصدمة السامة يحتاجون إلى مساعدة في التنفس وتم إدخالهم إلى وحدات العناية المركزة.
تشمل أعراض كاواساكي ارتفاع درجة الحرارة التي تستمر لمدة 5 أيام أو أكثر، وطفح جلدي وتورم في الرقبة، وفقا لخدمة الصحة الوطنية البريطانية.
وقال الدكتور جيمس جيل، المحاضر السريري الفخري في كلية الطب في وارويك، إنه في حين أن التقارير كانت تتعلق بعدم وجود دليل قوي على أن المتلازمة النادرة سببها كوفيد-19، فإن الأمراض الالتهابية متعددة الأنظمة تعد خطيرة بشكل استثنائي للأطفال، وتستدعي تدخل فرق العناية المركزة بالفعل، لذا فإن مراقبة المزيد من الأعراض الجديدة التي تظهر في المرضى الذين نراهم أمر جيد دائما.
أعراض مماثلة
من جهة أخرى أفادت الدكتورة سونيا راسموسن، أستاذة طب الأطفال بجامعة فلوريدا، في حديثها إلى «ذان نيويورك تايمز» إلى حالة مماثلة في الولايات المتحدة تتعلق بطفلة عمرها 6 أشهر في كاليفورنيا تم تشخيصها بمرض كاواساكي ثم كوفيد-19، وقالت راسموسن إن هذا التقرير من جامعة ستانفورد لا يوضح ما إذا كان كلا المرضين قد حدث بالصدفة أو إذا كان كوفيد-19 قد تسبب بطريقة ما في الإصابة بمرض كاواساكي.
وأضافت راسموسن «سنحتاج إلى مزيد من المعلومات المنشورة في المراجع العلمية التي يراجعها زملائي الآن لفهم هذا الارتباط بشكل أفضل، ومع ذلك، فإن مرض كاواساكي حالة نادرة نسبيا، لذا فإن رؤية هذه الحالات تجعلنا نشعر بالقلق من أن مرض كاواساكي يمكن أن يكون من المضاعفات النادرة لكوفيد-19»، ولهذا نحن بحاجة إلى أن نكون يقظين عندما نرى أطفالا لديهم نتائج إيجابية تجاه الفيروس التاجي.
وحتى الآن، كان الأطفال من بين الفئات العمرية الأقل تأثرا بالفيروس التاجي، وأظهرت البيانات نسبة المصابين بكوفيد-19 من الأطفال بلغت 2.4٪ من جميع الحالات، وعانت في الغالب من أعراض خفيفة فقط.
وقالت منظمة الصحة العالمية إنها تحاول جمع المزيد من المعلومات عن أي متلازمة جديدة مرتبطة بفيروسات تاجية في الأطفال من شبكتها العالمية من الأطباء لكنها لم تتلق أي تقارير رسمية عن المرض الغامض هذا حتى الآن.