تسعى شركة “أفالو” الأمريكية، المتخصصة في تطوير المحاصيل، إلى استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي لتعزيز قدرة القطاع الزراعي على مواجهة التحديات الناجمة عن أزمة المناخ.
الشركة، التي تتخذ من ولاية نورث كارولاينا مقرًا لها، تستخدم نماذج تعلم الآلة لتسريع تطوير أصناف جديدة من المحاصيل تتميز بمرونة وقدرة أكبر على تحمل الظروف البيئية القاسية.
تقنيات لتسريع الانتقاء
تقليديًا، يتم اختيار الصفات المرغوبة في المحاصيل عن طريق تربية النباتات التي تظهر هذه الصفات، مثل مقاومة الجفاف، ومراقبة نتائجها بعد اكتمال دورة حياتها. إلا أن هذه العملية تستغرق سنوات طويلة.
وتستخدم “أفالو” خوارزميات الذكاء الاصطناعي لتحديد الأسس الجينية للصفات المعقدة مثل مقاومة الجفاف والآفات في مئات الأنواع النباتية، وبحسب ماريو ألفاريز، رئيس قسم التكنولوجيا في الشركة، يمكن للخوارزمية التنبؤ بأداء البذور دون الحاجة إلى زراعتها، مما يقلل الوقت اللازم بنسبة تصل إلى 70%.
ألفاريز: ❞ما نفعله هو نفسه التهجين التقليدي الذي مارسه البشر منذ آلاف السنين❝
يقول ألفاريز، في حديث لشبكة CNN الأمريكية: “ما نقوم به في النهاية هو نفس عملية التهجين التقليدية التي استخدمها البشر على مدار آلاف السنين، ولكننا نستخدم الحوسبة لتسريع هذه العملية دون تغيير الأسلوب الأساسي”.
تقليل هدر الغذاء
تعمل “أفالو” على تطوير محاصيل جديدة، من بينها الطماطم المقاومة للحرارة، والقطن المقاوم للجفاف، والهندباء التي تُستخدم لصنع المطاط، ومن أبرز مشروعاتها “البروكلي الصالح للأكل بالكامل” لتقليل هدر الغذاء، والذي من المتوقع أن يكون أول منتج تجاري للشركة بحلول عام 2026، بعد ثلاث سنوات فقط من التطوير.
وأوضح الرئيس التنفيذي للشركة، بريندان كولينز، أن هذا النوع الجديد من البروكلي يمكن تناوله بأكمله، بما في ذلك الأوراق والسيقان، مع استخدام طاقة وأسمدة أقل مقارنة بالأصناف التقليدية.
ورغم الفوائد الواضحة، حذرت خبيرة المناخ من جامعة أكسفورد، الدكتورة شروتي ناث، من أن استخدام الذكاء الاصطناعي في التنبؤ قد ينطوي على مخاطر، وأشارت إلى أن بعض الصفات، مثل مقاومة الجفاف، قد تُفهم بشكل خاطئ بسبب تعقيد العوامل الوراثية المؤثرة.
جهود عربية مثيلة
في الإمارات العربية المتحدة، تعمل شركة “سيلال” بالتعاون مع شركاء دوليين لتطوير أصناف مقاومة للجفاف والحرارة والملوحة، كما نجحت الشركة في تطوير نوعين جديدين من الكينوا يمكن زراعتهما في البيئة الصحراوية.
ويأمل المسؤولون في “أفالو” أن تسهم هذه الابتكارات في حماية المزارعين من التغيرات المناخية المتزايدة، مع تسريع وتيرة تطوير المحاصيل لتلبية احتياجات المستقبل.
يقول ألفاريز: “إذا استغرق إطلاق صنف جديد 10 سنوات، فسنظل دائمًا متأخرين. ولكن إذا تمكنا من تقليص هذه المدة إلى 4 أو 5 سنوات، فسنكون أقرب إلى مواكبة التغيرات البيئية التي يواجهها المزارعون على أرض الواقع”.
ومع التقدم السريع لتقنيات الذكاء الاصطناعي، ترى الشركات الناشئة مثل “أفالو” فرصة لإحداث تغيير جذري في قطاع الزراعة، مما يمنح الأمل في الحفاظ على استقرار النظام الزراعي في السنوات المقبلة.
صحفي متخصص في التقنية والسيارات، عضو نقابة الصحفيين المصرية، المحرر العام السابق لمجلة «الشرق تكنولوجي»، ومحرر التقنية السابق بالنسخة العربية من صحيفة AS الإسبانية، ومؤسس «نوتشر دوت كوم»، شارك في تحرير إصدارات مطبوعة وإلكترونية متخصصة في التقنية بصحف عربية عدة.