Connect with us

فيروس كورونا

جدل أخلاقي حول إصابة «أصحاء» عمدًا بفيروس كورونا

نحو 14 ألف متطوع جاهزون للتعرض بإرادتهم لعدوى كوفيد-19 من أجل إتاحة الفرصة للعلماء لتجهيز لقاح سريع للجائحة

يستعد متطوعون بالآلاف للمساعدة في اختبار عمل لقاحات يطورها علماء أمريكيون حاليا، ضمن جهود عالمية لمحاربة فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19)، وسط جدل كبير حول تلك الخطوة أخلاقيا.

فبحسب تقرير مطول نُشر على موقع NBC News الأمريكي، تقدم الآلاف بطرح أسمائهم ضمن قوائم المتطوعين لتجربة اللقاح المحتمل، رغم كونهم من الأصحاء غير المصابين بالفيروس التاجي.

تخيل أن يُطلب منك استنشاق رذاذ مليء بفيروس كوفيد-19 الذي يسبب رعبا في العالم بأكمله، إن أكثر من 14 ألف شخص في الولايات المتحدة وأماكن أخرى يطرحون أسماءهم للقيام بذلك.

إصابة الأصحاء عمدًا بـ «كوفيد-19»

يأتي تطوع هؤلاء، بحسب الموقع الأمريكي، ضمن ما يسمى بـ«تجربة التحدي البشري»، وهي طريقة مثيرة لجدل أخلاقي حول اختبار لقاحات من شأنها أن تصيب الأشخاص عمدا بالفيروس التاجي الذي قتل أكثر من 270 ألف شخص حول العالم، ولا يوجد علاج له حتى الآن.

يقول الدكتور نير إيال، مدير مركز أخلاقيات البيولوجيا على مستوى السكان في جامعة روتجرز: «لا نقوم بمثل هذه الخطوة كل يوم، فلا نعرض الشخص السليم إلى المرض دون حاجة ملحة إلى خطوة كهذه، فقط يريد الأطباء حماية الناس من الفيروس»، ويرى إيال أنه من الواضح بشكل متزايد أن «المخرج الوحيد المستدام من الأزمة الصحية والمجتمعية الحالية هو إيجاد لقاح، وهناك طرق لإجراء مثل هذه التجربة التي تكون أخلاقية تمامًا»، على حد وصفه.

فاللقاح –في رأي إيال- هو «تذكرة المجتمع» للعودة إلى الحياة الطبيعية، وإلى الملاعب الرياضية المزدحمة وحفلات أعياد الميلاد وزيارات الأحباء المسنين، وكذلك العودة إلى بعض الوظائف المفقودة التي تزيد عن 33 مليون، لكن من المرجح أن الحل ما زال على بعد عام إلى 18 شهرًا في أفضل الأحوال، مما يبقي تحذيرات التباعد الاجتماعي قائمة حتى عام 2022، كما يستعد العالم لموجة ثانية أسوأ من الجائحة هذا الشتاء.

السعي إلى تسريع اللقاح

تكمن المشكلة في أن اللقاحات تستغرق وقتا طويلا لتطويرها واختبارها، غالبًا ما يزيد عن عقد من الزمن، وعادة ما تتطلب المرحلة الأخيرة من اختبار اللقاح تتبع ما يصل إلى عشرات الآلاف من الأشخاص لمعرفة من يصاب في حياتهم اليومية، وأحيانًا على مدى عدة سنوات، ثم يكون على العلماء والمختصين تحليل هذا الكم من البيانات المتحصل عليها من مصادر عديدة، على نحو صحيح وبطرق علمية معقدة ومتطورة أيضا.

▐يسعى العلماء في تسريع عملية إيجاد اللقاح المناسب

ويدافع عديد من علماء الأوبئة وأخصائيي اللقاحات عن دراسات التحدي البشري أملا في تسريع عملية إيجاد اللقاح المناسب ضد الفيروس، إذ يتوقع إيال وشركاؤه أنه من خلال التصميم الدقيق والموافقة المستنيرة من قبل المتطوعين، يمكن أن تجلب هذه التجارب لقاحًا قبل شهور وتسهم في إنقاذ حياة الآلاف.

وبحسب الموقع الأمريكي، لا توجد خطط عامة لمثل هذه الدراسة في الولايات المتحدة، لكن سياسيين ومتطوعين يضغطون من أجل إجراء واحدة، إذ أعرب أكثر من 14000 متطوع عن رغبتهم في المشاركة بالدراسة عبر تنظيم مجموعة مناصرة للفكرة، كما طلب 35 من أعضاء الكونجرس الأمريكي مؤخرًا من المنظمين النظر في تجارب التحدي البشري. 

شركات تستعد لتجارب التحدي

وتعمل شركات عديدة في الوقت الحالي من بينها شركة «إتش فيفو» ومقرها لندن وشركة SGS ومقرها سويسرا على إطلاق دراسات التحدي، وأصدرت منظمة الصحة العالمية مؤخرًا وثيقة عمل تحدد معايير التصميم المقبول أخلاقيًا، فيما لم تسمح إدارة الغذاء والدواء الأمريكية FDA أبدًا بتجربة تحدي بشري لمثل هذا المرض الجديد بدون علاج، لكنها لا تستبعد حدوث ذلك في وقت قريب.

من جانبه قال الدكتور ماثيو ميمولي، مدير الدراسات الإكلينيكية في مختبر الأمراض المعدية بالمعاهد الوطنية للصحة بأمريكا: «الكثير من الأشياء يمكن أن تتغير، وأعتقد من المحتمل أن نرى تجربة كهذه في وقت ما في المستقبل».

لكن ليس الجميع سعداء بهذا الزخم، إذ سيتم تشويه مفهوم دراسات التحدي البشري إلى الأبد من خلال التجارب الإجبارية على بعض الفئات المضطرة للموافقة على تقديم أنفسهم لتجارب التحدي -كُرها وليس طوعا- كالسجناء أو المعوقين، فلا يوجد ضامن للحصول على موافقة صريحة ورغبة ذاتية من المتطوعين، وسط بيانات ضخمة تتناول ضحايا كوفيد-19 يوميا في كل دول العالم، سواء من المصابين أو الوفيات.

الكرة في ملعب FDA

وفيما يخص الولايات المتحدة، فالقرارات النهائية تقع إلى حد كبير على إدارة الغذاء والدواء FDA حتى الآن، في وقت تستعد فيه 3 شركات أمريكية هي فايزر وإينفيو وموديرنا إلى المرحلة الأولى على الأقل في التجارب السريرية، ولم تعلق FDA على ما إذا كانت تسلمت اقتراحات بشأن دراسات التحدي البشري، لكن أكثر من 6 خبراء قالوا إنهم يتوقعون أن تأتي المقترحات تباعا.

▐تستعد 3 شركات أمريكية للمرحلة الأولى من التجارب

يحاول إيال، جنبًا إلى جنب مع علماء الأوبئة الرائدين مارك ليبسيتش وبيتر سميث، وصف «خريطة طريق» لتصميم دراسة أخلاقية، إذ توضح أوراقهم العلمية أن حوالي 100 شخص من الفئات العمرية والصحية منخفضة المخاطر تجاه فيروس كورونا المستجد، يمكن أن يتلقوا أقل جرعة ممكنة من كوفيد-19، وسيتم عزل المشاركين في تلك التجربة، ويمكن للمتطوعين الذين يعانون من أعراض المرض التاجي المعتادة الحصول على أفضل علاج متاح.

تحفظات رغم قبول الفكرة

وقالت إدارة الغذاء والدواء في بيان «دراسات التحدي البشري هي وسيلة لتسريع تطوير لقاح لمواجهة كوفيد-19»، ولأن هذه الدراسات تنطوي على تعريض المتطوعين للفيروس، فإنها لذلك تثير مجموعة متنوعة من الجدل العلمي والأخلاقي المحتمل، إذ ستعمل إدارة الغذاء والدواء مع أولئك المهتمين بإجراء تجارب التحدي البشري لمساعدتهم على تقييم هذه التجارب.

وتقول FDA في بيانها إن تطوير لقاحات آمنة وفعالة يجب أن «يُفهم بعناية ويُنفذ بسرعة»، وأن القرارات الرسمية بشأن تجارب التحدي البشري ستُجرى على أساس كل حالة على حدة.

*نقلاً عن تقرير لنفس الكاتب نُشر في النسخة العربية من صحيفة AS الإسبانية

صحفي متخصص في التقنية والسيارات، عضو نقابة الصحفيين المصرية، المحرر العام السابق لمجلة «الشرق تكنولوجي»، ومحرر التقنية السابق بالنسخة العربية من صحيفة AS الإسبانية، ومؤسس «نوتشر دوت كوم»، شارك في تحرير إصدارات مطبوعة وإلكترونية متخصصة في التقنية بصحف عربية عدة.

Continue Reading
اضغط لكتابة تعليق

اترك تعليقاً

Your email address will not be published. Required fields are marked *

جميع حقوق النشر محفوظة، نوتشر 2021 ©