Connect with us

تقارير

قواعد النشر بمنصات التواصل تتغير.. والسبب «أوكرانيا»

تويتر، يوتيوب، وحتى “تيك توك”، أصبحت جميعها تسير على خطى فيسبوك في اتخاذ موقف “متحيز” في الأحداث العالمية الكبرى

قبل شهر من الآن، كان مجرد مدح مليشيات “آزوف” الأوكرانية، أو الدعوة إلى العنف ضد الروس يؤدي إلى تعليق حساب المستخدم على فيسبوك في أوكرانيا، باعتبار ذلك “منشورًا يحض على الكراهية”.

أما الآن، فكلا الأمرين مسموح به في سياق الحرب بين روسيا وأوكرانيا، بينما في المقابل، يتم حظر منشورات على المنصة ذاتها لحسابات المؤسسات الإعلامية المحسوبة على حكومة روسيا، وهو أمر بات مكررًا على منصات اجتماعية أخرى.

تويتر، يوتيوب، وحتى “تيك توك”، أصبحت جميعها تسير على خطى فيسبوك في اتخاذ موقف “متحيز” في الأحداث العالمية الكبرى، بدا ذلك واضحًا في أزمة أوكرانيا الأخيرة، ومن قبلها في الحرب الإسرائيلية الأخيرة على غزة، في مايو 2021، والتي تلت أحداث حي الشيخ جراح في القدس.

تغيير في قواعد النشر

مؤخرًا، خفف فيسبوك قواعده بشأن خطاب الكراهية في أوكرانيا، للسماح للمستخدمين بالثناء على “كتيبة آزوف”، وهي ميليشيا تحمل أيديولوجيا ما يسمى “بالنازيين الجدد”، في سياق مقاومتها للغزو الروسي، وهو أمر لم يكن مسموحًا به قبل ذلك.

يشير تقرير مطول نشرته “واشنطن بوست” الأمريكية، إلى أن فيسبوك لم تعد المنصة الوحيدة التي بدأت تعيد كتابة قواعدها ردًا على الغزو الروسي لأوكرانيا.

فجوجل هي الأخرى أقدمت على حذف الإعلانات في روسيا وإزالة مقاطع الفيديو على منصة يوتيوب، فيما يخص المحتوى الذي يقلل من شأن الحرب.

▐يوتيوب أعلن إيقاف الإعلانات بمقاطع الفيديو في روسيا

كما تُقلص منصة تويتر فرص ظهور التغريدات التي ترتبط بوسائل الإعلام الحكومية الروسية، وتمنع ترشيحها للمستخدمين، فيما علّقت “تيك توك” هي الأخرى بعض خدماتها في روسيا، كخدمة البث المباشر، ورفع الفيديوهات القصيرة.

كل هذه الإجراءات “الاستثنائية” اتخذتها كبرى منصات التواصل الاجتماعي فقط في الأسابيع الأخيرة، وجميعها تتجاوز السياسات السابقة لها أو تتعارض معها، فهل سيؤثر ذلك على مستقبل قواعد النشر على تلك المنصات؟

الاستجابة للأحداث العالمية

مع توالي الأحداث في مناطق الصراعات على الصعيد العالمي خلال السنوات العشر الأخيرة، كان تعامل بعض منصات التواصل “منحازًا” لأطراف بعينها، منها مثلا الحجب والتضييق الذي مارسته منصتا فيسبوك وانستجرام على المحتوى الفلسطيني والعربي الداعم لغزة في الهجوم الإسرائيلي الأخير عليها، منتصف العام الماضي.

تقول كاتي هارباث، المديرة السابقة للسياسة العامة في فيسبوك، في حديث لواشنطن بوست، إن التحرك بسرعة استجابة لأزمة ما “ليس بالشيء السيئ” في حد ذاته، فبالنسبة لمنصات التواصل، التي أصبحت بحكم الواقع ما يشبه “وكالات للأنباء” عبر الإنترنت، من الضروري الاستجابة بسرعة للأحداث العالمية وتغيير القواعد عند الضرورة.

وتضيف هارباث، التي تشغل حاليًا منصب المدير التنفيذي لشركة “أنكور تشينج” للاستشارات التكنولوجية: بشكل عام، أظهر عمالقة وسائل التواصل الاجتماعي استعدادًا غير عادي لاتخاذ موقف ضد الغزو الروسي لأوكرانيا، لكن تغيير القواعد بهذه الكيفية في التعاطي مع أزمة أوكرانيا، سيجعل سياسات تلك المنصات مستقبلاً “عرضة لسوء التفسير”، وسيتم اتهامها بإزدواجية المعايير.

التخلي عن الحياد

منصات التواصل الاجتماعي ليست وحدها التي تخلت عن الحياد، فقد باتت محركات بحث شهيرة أيضا في دائرة الاتهام بالانحياز “الصارخ”، والسبب في ذلك أزمة أوكرانيا.

فبعد أن ظل محرك بحث “داك داك جو” الشهير، والذي يركز كثيرًا على مزايا الخصوصية كما يروج مطوروه، جاءت أزمة أوكرانيا لتجبره على التحكم في عرض النتائج التي تتماشى مع السياسات الإعلامية لدول الغرب، التي تعارض العملية العسكرية الروسية على أوكرانيا.

▐ داك داك جو أصبح متهمًا بالانحياز

ويل أوريموس، محلل أخبار التكنولوجيا بصحيفة واشنطن بوست، كتب في مقال سابق له مطلع هذا الشهر، أن شركات التكنولوجيا تواجه ضغوطًا لاتخاذ مواقف صريحة ضد الغزو الروسي المستمر لأوكرانيا، وأن بعض من تلك الشركات استجاب بالفعل لتلك الضغوط على حساب علاقاتها مع روسيا.

يضيف أوريموس: يتطلب ذلك من شركات التكنولوجيا أن تقر بطريقة علنية جدًا أن منتجاتها وسياساتها “ليست محايدة على الإطلاق”، ويجب أن تذكرنا جميعًا بسلطتها المطلقة على أنظمة المعلومات في العالم.

منصات تفقد مصداقيتها

قبل شهرين فقط، كان محرك البحث “داك داك جو” الذي يركز على الخصوصية، يحظى بشعبية كبيرة بين جمهور المستخدمين على تويتر، إذ أشاد به الكثيرون باعتباره بديلاً غير متحيز لمحرك بحث جوجل، الأشهر والأكثر استخداما حول العالم.

فقد أعرب كثير من المستخدمين، وفق واشنطن بوست، عن تقديرهم لنتائج البحث التي يُظهرها “داك داك جو” في مجال السياسة، في حين أن نتائج جوجل كانت أقل دقة وحيادية.

ويعلق أوريموس على ذلك بالقول: الذين أشادوا بمحرك داك داك جو، ربما لم يكونوا قد أدركوا أن نتائجه، والتي تم توفير جزء كبير منها بواسطة محرك “بينج” من شركة مايكروسوفت، لم تكن “غير متحيزة” عن قصد، كل ما في الأمر أنها كانت “أقل فاعلية” من جوجل في إبراز مصادر معلومات أكثر موثوقية.

ويعرف القائمون على “داك داك جو” تلك المعلومة بالطبع، لكنهم على مدار سنوات، عززوا “سوء الفهم هذا” من خلال الترويج لمحرك البحث الخاص بهم على أنه “محايد” و”غير متحيز”، بدلاً من القول بأنه “أقل كفاءة”.

“داك داك جو” يتغير

وقد أثارت سياسات شركات التكنولوجيا المطورة لمنصات التواصل ولمحركات البحث وغيرها من المنتجات الرقمية على الإنترنت، الكثير من الجدل حول “مواقفها المنحازة”، التي فضحتها الأزمة الأوكرانية.

فقد قوبل إعلان غابرييل واينبرغ، الرئيس التنفيذي والمؤسس لشركة داك داك جو، بأن محرك البحث التابع لشركته سيبدأ في خفض ترتيب المواقع المرتبطة “بالتضليل الروسي”، بكثير من الانتقادات.

▐غابرييل واينبرغ، الرئيس التنفيذي والمؤسس لـ “داك داك جو “

وكتب أحد المؤثرين “الليبراليين” على تويتر ردًا على هذا الإعلان بقوله: “لم نعد نثق في أي شخص ليقرر لنا ما هي (المعلومات الخاطئة) التي ينبغي حجبها”، وقد حظي هذا التعليق بإعجاب 22000 مستخدم من جمهور تويتر.

هكذا يُصنف المحتوى

والحقيقة، بحسب ويل أوريموس، وكما فهمها جميع مزودي خدمات محركات البحث الرئيسية منذ فترة طويلة، أنه لا يوجد عمليًا “خوارزمية بحث غير متحيزة”.

فمحركات البحث تُظهر النتائج وفق بعض المعايير الذاتية، والتي تتضمن عادة أشياء مثل أهمية الصفحة، وسمعة المصدر، وتعليقات المستخدمين حول جودة النتائج، لذا فإن جميع النتائج الظاهرة ليست تلقائية بالكامل، وإنما يخضع ظهورها لنوع من التحيز في غالب الأمر.

*مترجم بتصرف عن “واشنطن بوست” الأمريكية/الصورة: نوتشر

صحفي متخصص في التقنية والسيارات، عضو نقابة الصحفيين المصرية، المحرر العام السابق لمجلة «الشرق تكنولوجي»، ومحرر التقنية السابق بالنسخة العربية من صحيفة AS الإسبانية، ومؤسس «نوتشر دوت كوم»، شارك في تحرير إصدارات مطبوعة وإلكترونية متخصصة في التقنية بصحف عربية عدة.

Continue Reading
اضغط لكتابة تعليق

اترك تعليقاً

Your email address will not be published. Required fields are marked *

جميع حقوق النشر محفوظة، نوتشر 2020 - 2025 ©